فوائد و فرائد في اللغة العربية

السر في ( الإفراد ) و ( الجمع ) !

كنت أقرأ قول الحق جلَّ وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ )

فقلت في نفسي : ما السر في إفراد الذكور ( العم والخال ) وجمع الإناث ( العمات والخالات ) ؟

وقمت بالرجوع إلى جملة لا بأس بها من كتب أهل العلم ، وإليكم ما وقفت عليه

( ويسرني أن تتحفوني بفوائد أخرى مما وقفتم عليه مما يتعلق بهذه المسألة )

قال البقاعي رحمه الله في " نظم الدرر " :
" أفرد العم لأن واحد الذكور يجمع من غيره لشرفه وقوته ، وكونه الأصل الذي تفرع منه هذا النوع عرف بجميع الإناث أن المراد به الجنس لئلا يتوهم أن المراد إباحة الأخوات مجتمعات فقال : ( وبنات عماتك ) من نساء بني عبد المطلب .
ولما بدأ بالعمومة لشرفها ، أتبعها قوله : ( وبنات خالك ) جارياً أيضاً في الإفراد والجمع على ذلك النحو ( وبنات خالاتك ) أي من نساء بني زهرة ويمكن أن يكون في ذلك احتباك عجيب وهو : بنات عمك وبنات أعمامك ، وبنات عماتك وبنات عمتك ، وبنات خالك وبنات أخوالك ، وبنات خالاتك وبنات خالتك ، وسِرُّهُ ما أشير إليه " أ . هـ .

وقال ابن العربي رحمه الله في " أحكام القرآن ":
" المسألة الثالثة عشرة : قوله : ( وبنات عمك ) فذكره مفرداً .
وقال : ( وبنات عماتك ) فذكرهن جميعاً .
وكذلك قال : ( وبنات خالك ) فرداً وبنات خالاتك جمعاً .
والحكمة في ذلك : أن العم والخال في الإطلاق اسم جنس كالشاعر والراجز ، وليس كذلك في العمة والخالة .
وهذا عرف لغوي ؛ فجاء الكلام عليه بغاية البيان لرفع الإشكال ؛ وهذا دقيق فتأملوه " أ . هـ .

وقال ابن جماعة رحمه الله في " كشف المعاني في المتشابه من المثاني " :
" إفراد الذكور لإرادة الجنس ، وعلم من إضافة الجمع إلى المفرد أن المراد جنس الأعمام والأخوال ، لا عم معين أو خال معين ، فكان الإفراد مع إرادة الجنس أخف لفظا وأفصح لما فيه من المقابلة بين الإفراد والجمع والذكور والإناث " أ . هـ .

وقال الشهاب الحنفي رحمه الله في حاشيته على " تفْسيرِ البَيضَاوِي " :
قد سئل كثيراً عن حكمة أفراد العمّ والخال دون العمة والخالة حتى إنّ السبكيّ رحمه الله صنف جزأ فيه سماه ( بذل الهمة في أفراد العم وجمع العمة ) وقد رأيت لهم فيه كلمات ضعيفة كقول الرازي أنّ العمّ والخال على زنة المصدر ، وقيل : إنه يعمّ إذا أضيف والعمة ، والخالة لا تعمّ لتاء الوحدة ، وهي إن لم تمنعه حقيقة تأباه ظاهراً ولا يأباه قوله في سورة النور ( بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ ) لأنه على الأصل .
وأحسن منه ما قيل : إنّ أعمامه صلى الله عليه وسلم العباس وحمزة رضي الله عنهما وأبو طالب ، وبنات العباس كن ذات أزواج لا يليق ذكرهن ، وحمزة رضي الله عنه أخوه من الرضاع لا تحل له بناته ، وأبو طالب ابنته أمّ هانئ لم تكن مهاجرة .
ومعنى كلام المصنف أن النساء المهاجرات أفضل من غيرهن فلذلك خصصن بالذكر لا لأنّ من لم يهاجر يحرم عليه ، وهو أحد قولين في المسألة " أ . هـ .

ويؤيد ذلك د . فاضل السامرائي حفظه الله فيقول كما في " لمسات بيانية لسور القرآن الكريم " :
" الرسول - صلى الله عليه وسلم - له خالات وله خال واحد هو عبد يغوث. يذكرون من خالاته فريعة بنت وهب وذكروا هالة بنت وهب ويذكر خالة اسمها فاختة وله خال واحد.
وهناك سؤال آخر عن العم والعمات في قوله تعالى (وبنات عمك وبنات عماتك) الرسول - صلى الله عليه وسلم - له عمّات وبناتهم متزوجات وله أعمام كثيرون بناتهم متزوجات لكنه قال (وبنات عمك). ذكروا من أعمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - العباس وحمزة وعندهم بنات غير متزوجات لكن هؤلاء (العباس وحمزة) إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة فإذن لا تحلّ للرسول - صلى الله عليه وسلم - بناتهم ، وذكروا أبو طالب عنده أم هانئ لم تكن مهاجرة وفي الآية قال : (اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) فيكون له عمّ واحد فقط له ابنة ، والباقي متزوجات فقال : (وَبَنَاتِ عَمِّكَ). هذا هو الواقع وهذا أمر تاريخي " أ . هـ .

وحكى الشيخ مصطفى العدوي حفظه الله في كتابه " سلسلة التفسير " عن بعض العلماء أن سبب ذلك كون الأفضل يفرد والمفضول يجمع " .

يا حبذا لو تتحفونا بشئ مما عندكم !

_________________________________________________

http://www.aljuraisat.com/vb/showthread.php?s=9775b4f6158919e8bb687480781879b0&t=986