إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وعليه وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد.
عباد الله اتقوا الله تعالى حق التقوى، واجعلوا الله بين أعينكم دائماً، وفي قلوبكم تذكروه، تذكروا حقه عليكم امكثوا أنفسكم في ذات الله، وتذكروا نعمه عليكم وتذكروا أنكم راجعون إليه، ومحشورون بين يديه، وسيوفيكم أعمالكم، ومن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
واعلموا أن أنفع شيئاً لكم كلامه جلا وعلا، وأحسن هديٌ لكم هدي نبيه ، وإنما هما اثنتان الكلام والهدي فأحسن الكلام كلام الله جلا وعلا، وأحسن الهدي هدي رسول الله ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
أيها المسلمون أيها الموحدون إخواني في الله هذه طريقةٌ عظيمة النفع لمن نفعه الله بها، طريقة في تدبر القرآن وفهمه والعمل به، ومعرفة السُنن التي ركب الله الكون عليها والخلق عليها، طريقة رائعة لمن هداه الله لها.
وقد ركز عليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- في الفوائد التي كتبها على كتاب الله جلا وعلا والاستنباطات.
أيها الأخوة! هذه الطريقة باختصار، هي أن ما في القرآن من قصصٍ، ومواعظ وأمثله، وأحكام، إنما هي أشياء جزئية مربوطة بقواعد كلية، فإذا انتفعت من المثال فانتقل إلى القاعدة وقس على ذلك على هذا المثال كل مثالٍ في بالك إلى يوم القيامة.
والقاعدة غالباً ما تكون في آخر الآية، وغالباً ما تبدأ بقوله إن أو الواو ونحو ذلك، وإذا قلبت إن إلى لأن للتعريف انفتح لك بابٌ عظيم في تدبر آيات الله جلا وعلا.
إخوتي في الله أضرب لكم مثلاً من سورة يوسف هذه السورة أم العجائب، المثال الأول: قول الله جلا وعلا: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}[يوسف:5]، هذا مثال، والقاعدة الكلية التي يُرد إليها كل مثال كهذا المثال، كل كيد، أو حسد، أو عداوات، السبب إن الشيطان للإنسان عدواً مبين، ولو قلبت إن إلى لأن لأصبحت في المعنى لأن الشيطان عدو مبين.
والثمرة أن تعرف من هو العدو؟ من هو الذي سبب قطيعة الأرحام، والعداوات، والشحناء، والبغضاء؟.
لأن أحياناً قد ننصرف إلى معالجة آثار المرض، ونغفل عن أساس المرض، هو الشيطان، والله لو فقه هذه عباد الله لو فقهوه لكفوا عن العداوات بينهم والتفتوا إلى عداوة العدو المبين إن الشيطان للإنسان عدو مبين.
لعرفوا أن هو الذي نزغ بينهم، {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}[الإسراء، وعرفوا أن هو عدوهم فإن من كيده أن يُنسيهم عداوته، يا لها من طريقة عظيمة في تدبر آيات الله المثال فيكيدوا لك كيدًا، إخوانه، والقاعدة الكلية، إن الشيطان للإنسان عدواً مبين.
فتقيس عليها كل شيء يمر بك وترده إلى هذه السنة فتفلح، وتنفتح لك الآفاق في معرفة السنن التي تدور عليها الأشياء في هذا الكون.
المثال الثاني: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ}[يوسف:6]
هذه قصة جزئية في يوسف ويعقوب وإبراهيم وإسحاق القاعدة الكلية { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[يوسف:6]، أي لأن ربك حكيم عليم اجتناك وعلمك والثمرة أن تعرف قدر الأنبياء فإن الذي اختارهم هو الله القدح فيهم قدحٌ في علم الله وبحكمته، تعرف قدر الصحابة الذي اختارهم هو الله القدح فيهم قدحٌ في الله وفي حكمته من لعنهم فهو الملعون من أبغضهم فهو المبغوض المطرود.
وراثة الأنبياء كل من أعطاه الله فضلاً فإن مما يُعينك على ذهاب الحسد من نفسك أن تتذكر أنها حكمة الله هو الذي اختاره هو الذي أعطاه قد يبتليه إن ربك حكيم عليم.
المثال الثالث: قول الأبناء إن أبانا لفي ضلالٍ مبين قاعدة كلية من لم يعدل بين أولاده فهو في ضلالٍ مبين لكن هؤلاء الأولاد أخطئوا، أخطئوا في الجزئية لا في الكلية عندما لاموا أباهم على الحب: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا}[يوسف:8].
والحب لا يملكه يعقوب ولا يلام عليه وإنما الضلال المبين ألا تعدل بين أولادك في العطية في العدل في التصرفات فيما تملك، وبهذا ينفتح لك بابٌ عظيم، أن كل ظلم بين أولادك فهو ضلالٍ مبين.
إلا الذي لا تملكه كما كان يعقوب عليه السلام، وأيضاً أيها الأخوة: {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ}[يوسف:14]، الأخ الذي يتخطف من بين أخوة شهود أقوياء يعلمون خاسرون إذا خُطف أخوهم من بينهم أكلته ذئاب البشر من أهل المخدرات أو أهل البدع أو الأحزاب وهم حاضروا العصبة القاعدة الكلية:{ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ}[يوسف:14]، خسارة عظيمة كيف تسمحون للذئاب بأن تتخطف أخوكم من بينكم؟ يا لها من معاني.
كذلك قول الله : { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[يوسف:21]، قاعدة كلية المثال الجزئي: يوسف وما حصل له مما قص الله، والقاعدة الكلية: والله غالبٌ على أمره، شئتم أم أبيتم فإذا ربطها بما في آخر السورة { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}[يوسف:100].
هو غالب ولكنه لطيف لما يشاء، يشاء ثم يتلطف لما يشاء بما يشاء وأنت لا تعلم ثم هو غالب على أمره وهذا يورثك محبة الله والثقة به وحسن الظن به مهما أصابك مما هو مر في أول أمره تذكر دائماً هاتين القاعدتين، إن ربي لطيف لما يشاء بما يشاء وأيضاً والله غالبٌ على أمره.
والقاعدة الأخرى: { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[يوسف:21]، لا يعلمون ويتهمون ربهم ولا يعلمون أنه يتلطف لهم لما يُصلحهم لو علموا.
وأيضاً من القواعد: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا }[يوسف:22]، هذا المثال الجزئي في يوسف وفيه عبرة والقاعدة الكلية: { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:22]، كل من أحسن وتاب واستغفر بينه وبين الله فإن إن شاء الله أهلٌ أو محلٌ لفضل الله أن يؤتيه الحكم والعلم إذا بلغ أشده، لأن الله عممها وذكر القاعدة فقال: { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:22].
فهي في كل محسن وهكذا كان السلف يقولون وبهذا فقهوا القرآن لما قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}[الأعراف:152]، قال السلف في كل مفتري إلى يوم القيامة ذلٌ في الدنيا وخزيٌ في الآخرة.
أيضاً أيها الأخوة من القواعد الكلية: قوله: {إنه رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ}، هذا مثالٌ جزئي، القاعدة الكلية: { إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}[يوسف:23]، الظالم لا يُفلح، لا يُفلح وربي الكعبة الظالم لا يُفلح ورب الكعبة، الظالم لا يُفلح وما منا إلا في خاصة أنفسنا وبيننا وبين ربنا ومع أولادنا ومع نسائنا ومع عمالنا ومع جيراننا ومع زملائنا ما منا إلا، فالظالم لا يُفلح كما قال الله عن الساحر: { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}[طه:69].
قاعدة كلية إذا تدبرتها انتفعت نفعاً عظيماً وكففت فنسك عن الظلم إنه لا يفلح الظالمون.
ومن الأمثلة التي بعدها قال الله: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ}، هذه مثال في يوسف ثم قال الله: { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف:24]، وفي قراءة المخلصين هذه قاعدة كلية أن من أخلص وصدق يُصرف عنه السوء والفحشاء من حيث لا يدري، يُصرف عنه السوء والفحشاء سواء من نفسه أو من الناس لأن هذا مثال وقاعدة: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف:24]، اقلبها إلى اللام لأنه من عبادنا المخلصين تتضح لكم القاعدة.
كذلك من القواعد: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ}، وهذا مثال قُص علينا من القرآن والقاعدة: { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}[يوسف:28]، والثمرة الاحتراز.
كذلك أيها الإخوة من الأمثلة: قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[يوسف:33].
كل جهل في القرآن إلا ما شاء الله فهو مذموم ليس بعذر كما قال هنا وأكن من الجاهلين وكما في آخر السورة، {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ}[يوسف:89]، الجهل ذنب ليس بعذر والجهل ليس الخطأ.
أيضاً قوله: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ}، مثال وعبرة والقاعدة: { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[يوسف:34]، أي لأنه جلا وعلا هو السميع لمن دعا وهو العليم بالخفايا فاستجاب وصرف عنه الكيد.
أيضاً وقولهم في السجن: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:78]، المثال صاحبي السجن لما طلبوا منه طلباً والقاعدة: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:78]، المحسن هو الذي يُرجى خيره ويؤمن شره ولذلك لم يعرفوه رأوه في السجن فقالوا: إنما طلبنا منك هذا الطلب لأن نراك من المحسنين.
فإذا كنت ممن يرجى خيره ويؤمن شره فأنت محسن كذلك قول يوسف عليه السلام لما ذكر التوحيد ومنة الله وهداية الله قال القاعدة الكلية: { ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ}، الثمرة أن تحمد الله على النعمة وأعظم نعمة، نعمة التوحيد والسُنة، وأن تُكثر الخضوع والخضوع والخشوع لله حتى لا تُسلب منك هذه النعمة قال يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ليس أحد مسلسل بالنبوة في بني آدم كهذا الرجل الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم خليل الله شرفٌ ما بعده شرف، ومع ذك يقول: {ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ }[يوسف:38].
القاعدة الأخرى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[يوسف:38]، يُنصب الله الأدلة بين أعينهم وفي أنفسهم وفي الآفاق لا يشكر لا يعتبر يا لها من قاعدة، الثمرة: أن تحذر من جحود النعمة وكفرانها وأن تدعوا إلى الله ولا تهتم بالنتائج فأكثر الناس أخبرك عنهم خالقهم أنهم لا يشكرون، ولكن أجهد بالدعوة قدر استطاعتك والثمرة على الله التي بعدها لما ذكر الدين الواضح قال: ذلك الدين القيم المستقيم تحبه الفطر والعقول وتأنس إليه.
والتي بعدها: { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[يوسف:40]، والثمرة فأقم وجهك، هذا هو الدين الواضح القيم، الثمرة : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الروم:30].
كذلك أيها الأخوة من الأمثلة قوله: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}، مثال عبرة، والقاعدة: { وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}[يوسف:52]، الخائن لا يهدي الله كيده يرده عليه الشريك إذا خان شريكه، والجار إذا خان جاره، والأب إذا استرعاه الله رعية فخانهم وغشهم وصاحب العمل مع عماله، وكل أحد، وفي الأسرار، وفي الأمانات، وفي الودائع من خان لا يهدى كيده، ولو كان ظن أنه خفي على الناس لا يخفى على الله لأن القاعدة التي دلنا الله عليها وأمرنا بالاتعاظ وأن الله لا يهدي كيد الخائنين، اعتبروا يا أولي الألباب.
كذلك التي بعدها: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي}، مثال القاعدة: { إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي }[يوسف:53]، الثمرة الانتباه للناس فإنها بطالة تُحب الشهوات الانتباه لها لا تُعطيها هواها، {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}[النازعات:40]، {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات:41]، يا لها من أمثلة.
والتي بعدها أيضاً: { إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}، قاعدة لولا غفرانه ورحمته لاستحققنا جميعاً العذاب، لأنه أنعم وتفضل وأمر ونهى وبين ثم نعصيه لكننا نستغفره لماذا؟ لأنه تعرف إلينا أنه غفور ورحيم فنحن نستغفره نرجو ذلك وإلا لا نستحق شيئاً على الله إن ربي لغفور رحيم.
كذلك من الأمثلة قال: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ}، مثال عبرة والقاعدة: { إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف:55]، والثمرة لا يولى على المناصب إلا الحفيظ العالم الأمين القوي هذا هو الذي يولى وإذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.
والتي بعدها قول الله : {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ}، مثال والقاعدة:{ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:56]، أصلح ما بينك وبين الله ونم لا يُضيع الله أجر المحسنين لا في الدنيا ولا في الآخرة، { وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:56].
والتي بعدها وهي أعظم قاعدة، {وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[يوسف:57]، أجر الآخرة خير مهما مكن يوسف وأوتي من الملك {وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[يوسف:57]
اللهم أنفعنا وأنفعنا بالقرآن العظيم، أللهم اجعلنا ممن تدبره وتعلم ما فيه وعمل بذلك، اللهم اجعلنا ممن فتحت قلبه للقرآن وجعلته ربيعه ونوره وهداه يا رب العالمين.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم استغفروه.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا.
عباد الله اتقوا الله حق التقوى، عباد الله اعرفوا قدر النعمة في هذا القرآن فإن ما في أيدي الناس اليوم على ظهر المعمورة ظنون، وأوهام وخرافات، وأنتم بأيديكم كتاب الله حبل الله المتين الحق المطلق من عند الله .
احمدوا الله أن هداكم بهذا الكتاب فإنه رفعه وأنه ذكرٌ لك ولقومك، وسوف تُسألون عن هذا القرآن {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}[الفرقان:30].
معاشر الأخوة من الأمثلة: ما قال يعقوب لما أوصى بنيه عند دخول مصر هذا مثال والقاعدة: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}، القدري والشرعي وكل شيء لا يحصل في ملكه إلا ما يريد منه ما يُحب ومنه مالا يُحب ولكن لا يحصل في ملكه إلى ما يُريد، حتى العين الحكم لله.
{ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا }[هود:56]، لو تغلغل هذا المعنى في قلبك ماذا سيكون أثره عليك؟ إن الحكم إلا لله الثمرة عليه توكلت، وعليه فليتوكل المتوكلون، مادام أن كل شيء حكمه بيد الله فالعاقل يقول عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون.
من الأمثلة لما رفع الله يوسف قال: { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}، بحكمته وعلمه، { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف:76]، قاعدة.
من الأمثلة أن من وضع الشيء في غير موضعه فهو ظالم، {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}، مثال، القاعدة: { إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ}[يوسف:79]، الثمرة احذر الظلم لا تأخذ غير المذنب من أولادك أو من زوجاتك، أو من أي أحد، أو من طلابك { إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ}[يوسف:79].
من الأمثلة: قوله عليه السلام يعقوب: { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا}، هذه عبرة، والقاعدة: { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[يوسف:83].
قالها في أحلك الظروف لأنه نبي مهما بلغت مرارة القدر لكن القاعدة إنه في كل ما فعل به من أخذ يوسف ثم الثاني ثم الثالث، والبلاء إنه هو العليم الحكيم لو قلتها أثناء المصيبة كانت بلسماً على جراحك، هذه الثمرة إنه هو العليم الحكيم.
كذلك من القواعد: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[يوسف:86]، من القواعد المثال: {يَا بَنِيَ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}، عبرة، القاعدة: { إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ}[يوسف:87]، والموحد لا ييئس من روح الله في خاصة نفسه وفي أمن أمة التوحيد عامة لا ييئس من روح الله لأنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون.
كذلك الآية التي بعدها: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا}، مثال، القاعدة:{ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}[يوسف:88]، يجزيهم في أنفسهم بالانشراح وفي قلوبهم بالبصيرة وفي وجوههم بالانطلاق والنور، وفي أجورهم، وفي أعمالهم، وفي أخلاقهم، يجزي المتصدقين، الثمرة: الإكثار من الصدقة لأن الله يجزي بها.
كذلك القاعدة الكبرى: { قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا}، هذه عبرة والقاعدة:{ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:90].
كذلك من الأمثلة: { يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}، والقاعدة:{ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف:92]، لولا أنه أرحم الرحمين لما غفر لكم لكنه من صفاته أنه أرحم الراحمين.
كذلك أيها الأخوة قوله: { إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[يوسف:96]
وكذلك: { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}القصة كلها مثال، والقاعدة {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}، إذا شاء شيئاً تلطف به بما يشاء مما تخفى علينا حكمته في بدواة الأمور ثم يتبين أنه عين الحكمة ولذلك إنه العليم الحكيم، قاعدتان واحدة على نسق الأخرى إنه هو العليم الحكيم.
كذلك القواعد التي جاءت مسرودة في أخر السورة كلها قواعد كليه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف:103]، قاعدة كلية ينتفع بها أهل التوحيد انتفاعاً عظيماً {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف:103].
والأخرى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:106]، ينتفع بها أهل التوحيد انفاعاً عظيماً لأنها قاعدة كلية.
والتي بعدها: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف:108].
والتي بعدها: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا}، اكتملت فيهم الرجولة الكاملة من الخلق والهدي والسمت وحسن السيرة، وحسن الماضي، وحسن العقل: {ر جالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}، والتي في آخر الآية { وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا}، قاعدة كلية،{ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[يوسف:109].
ثم جاءت أيضاً قاعدة كبرى قول الله  المثال السورة كلها والقاعدة: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}[يوسف:110]، يا لها من قاعدة لو عقلتها القلوب حتى تصل إلى ثلج اليقين ماذا ستؤثر فيهم؟.
ثم آخر أية من هذه السورة قاعدة: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[يوسف:111].
يا عباد الله كم في هذا القرآن من العبر هو والله الحق المحض هو والله العلم الصافي، هو الله الحبل المتين لمن أقبل عليه، أقبل عليه لم ينصرف إلى غيره ثم أتى الآمر من وجه وبحث عن أسباب التدبر، وربط الأسباب بالمسببات، والأمثلة في القواعد ثم أثمر له عملاً والله المستعان.
اليوم إذا أراد أحدنا بحثاً أو رسالة ماجستير أو دكتوراه، أو كتاب، أو نازلة حدثت يُفكر الحل في كل شيء في كتب الناس وفي كتب المذاهب أول ما يطرأ عليه البحث في كل كتاب لكن ما يبدوا إلى ذهنه البحث عن علاج أي شيء في القرآن.
وذلك بسبب المزاحمة عبر القرون حتى تراجع القرآن إلى آخر شيء فأصبح أكثر الباحثون لا يبحثون عن الهدى فيه، وإلا لو عقلوا فإن أول ما يخطر بباله إذا جاءت أمامك معضلة أو مشكلة أو مسألة أن تجد جوابها في القرآن وما يُبينه من السنة.
اللهم افتح لنا بالقرآن العظيم، اللهم اجعله ربيع قلوبنا، اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إيمائك نواصينا بيدك ماضٍ فينا حكمك عدل ٌفينا قضاءك نسألك في هذه الساعة المباركة وعسى أن تكون من ساعات الإجابة وفي هذا الوقت المبارك وهذا الجمع المبارك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدٍ من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلبونا.
اللهم اجعله ربيع قلوبنا، اللهم اجعله ربيع قلبونا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا وسائقنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم.
اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم، اللهم ذكرنا منه ما نُسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته على الوجه الذي يُرضيك عنا.
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء، اللهم أنت الغني ونحن الفقراء اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانتين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالقرآن، وأغث بلادنا بالصيب النافع يا رحمن يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانتين، اللهم غيثاً مغيثا، هنيئاً مريئا، اللهم رحمة للبلاد والعباد، اللهم ارفع به الغلاء والوباء والبلاء يا رب العالمين عنا وعن المسلمين عامة يا حي يا قيوم.
اللهم صلى على رسولك وعبدك محمد.