أقسام المحبة :-
والمحبة تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: محبة عبادة، وهي التي توجب التذلل والتعظيم، وأن يقوم بقلب الإنسان من إجلال المحبوب وتعظيمه؛ ما يقتضي أن يمتثل أمره، ويجتنب نهيه، وهذه خاصة بالله، فمن أحب مع الله غيره محبة عبادة- وتسمى محبة مع الله، وهذه محبة المشركين لآلهتهم؛ فإنهم يحبونها مع الله- جل وعلا- فيتقربون إلى الله رغبا ورهبا نتيجة محبة الله، ويتقربون إلى الآلهة رغبا ورهبا نتيجة لمحبتهم لتلك الآلهة- فهو مشرك شركا أكبر، ويعبر العلماء عنها بالمحبة الخاصة. القسم الثاني: محبة ليست بعبادة في ذاتها، وهذه أنواع: النوع الأول: المحبة لله وفي الله، وذلك بأن يكون الجالب لها محبة الله، أي: كون الشيء محبوبا لله تعالى من أشخاص; كالأنبياء، والرسل، والصديقين، والشهداء، والصالحين. أو أعمال; كالصلاة، والزكاة، وأعمال الخير، أو غير ذلك. وهذا النوع تابع للقسم الأول الذي هو محبة الله.النوع الثاني:محبة إشفاق ورحمة، وذلك كمحبة الولد، والصغار، والضعفاء، والمرضى.النوع الثالث: محبة إجلال وتعظيم لا عبادة; كمحبة الإنسان لوالده، ولمعلمه، ولكبير من أهل الخير.النوع الرابع: محبة طبيعية; كمحبة الطعام، والشراب، والملبس، والمركب، والمسكن والمشتهيات المباحة، كالزوجة والملذات.النوع الخامس: محبة أنس وإلف ومصاحبة كمحبة الشريك في تجارة أو صناعة أو سفر ونحو ذلك ،فهي محبة المشتركين في صناعة، أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر لبعضهم بعضًا، وكمحبة الإخوة، بعضهم بعضًا. وأشرف هذه الأنواع النوع الأول( المحبة لله وفي الله) والبقية من قسم المباح; إلا إذا اقترن بها ما يقتضي التعبد صارت عبادة; فالإنسان يحب والده محبة إجلال وتعظيم، وإذا اقترن بها أن يتعبد لله بهذا الحب؛ من أجل أن يقوم ببر والده، صارت عبادة، وكذلك يحب ولده محبة شفقة، وإذا اقترن بها ما يقتضي أن يقوم بأمر الله بإصلاح هذا الولد؛ صارت عبادة.
وكذلك المحبة الطبيعية; كالأكل والشرب، والملبس والمسكن؛ إذا قصد بها الاستعانة على عبادة صارت عبادة، فهذه الأشياء إذا اتخذها الإنسان بقصد العبادة؛ صارت عبادة، قال النبي (: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) (1) .
__________
(1) صحيح أخرجه البخاري(1)ومسلم(1907) وانظر تيسير العزيز الحميد(صـ401)و القول المفيد(2/47)وحاشية كتاب التوحيد(صـ236)وإعانة المستفيد (2/36). والتمهيد لشرح كتاب التوحيد(صـ360) قال الشيخ صالح آل الشيخ: المحبة المتعلقة بالله ثلاثة أنواع 1-محبة الله ، وهذا نوع من العبادات الجليلة ويجب إفراد الله- جل وعلا- بها .2 - محبة في الله ، وهو أن يحب الرسل -عليهم الصلاة والسلام- ، وأن يحب الصالحين في الله ، وأن يحب في الله ، وأن يبغض في الله . 3- محبة مع الله ، وهذه محبة المشركين لآلهتهم ؛ فإنهم يحبونها مع الله. هذه الأنواع الثلاثة هي المحبة المتعلقة بالله. أما النوع الثاني من أنوع المحبة وهي المحبة المتعلقة بغير الله من جهة المحبة الطبيعية ، فقد أذن بها الشرع وأجازها ؛ لأن المحبة فيها ليس محبة العبادة والرغب والرهب الذي هو من العبادة ، وإنما هي محبة للدنيا وذلك كمحبة الوالد لولده ، والولد لوالده ، والرجل لزوجته ، والأقارب لأقربائهم ، والتلميذ لشيخه ، والمعلم لأبنائه ، ونحو ذلك من الأحوال ، هذه محبة طبيعية لا بأس بها ، بل جعلها الله- جل وعلا- غريزة في الإنسان . التمهيد لشرح كتاب التوحيد(صـ361).بتصرف.وانظر فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد(صـ348)