• اللحية فرض أم سنة ؟
اللحية ُوسامُ شرفٍ للمؤمنين؛ بل وهديٌ مباركٌ من هدي المرسلين،وسمتٌ عظيمٌ للصالحين، وعلى رأسهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، وقد قال تعالى : " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ " (الأنعام / 90).
• فقولُ نبيِّ الله هارونَ عليه السلامُ لأخيه موسى عليه السلام : "يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي" (الأعراف / 94) دليلٌ على أنه كان موفورَ شعرِاللحيةِ عليه السلام .
• وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم كثيرَ شعرِ اللحيةِ ، وكان الصحابة ُيَعرفون قراءته عليه السلام في الصلاة باضطرابِ لحيتهِ . وكانت عائشة ُرضي الله عنها تُطيِّبُ رأسَه ولحيته .
• وقد أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية ، وأمرُه يدلُّ - لا مفرَّ - على الوجوب والالزام ، ومن صيغ الأوامرِ الواردةِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الالزام بها ؛ قوله : (أعفوا) و (أوفوا) و (أرخوا ) و(أرجوا) و (وفروا) ؛ كما جمعها النوويُّ رحمه الله تعالى . والأمرُ للوجوبِ ؛ لأنه لم يرد صارفٌ يصرفُ الأمرُ من الوجوب الى الاستحباب ؛ كما هو مقررٌ في الأصول ، وقد قال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) ) (النور / 63). وقال تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )(الحشر / 7).
• وقد نقل غيرُ واحدٍ من أهل العلم (كابن حزم وابن عبد البر وابن تيمية) – وهو قول الأئمة الأربعة - على أن إعفاء اللحيةِ فرضٌ ، يحرمُ حلقُها ، وأن حلقََها مثلة ٌ- أي تشويه - لا يجوزُ ؛ فهو تغييرٌ وتبديلٌ لخلق الله . وقد زين الله بها الرجالَ ، كما زينَ النساءَ بالذوائب ؛ فبها يتميزُ الرجالُ عن النساء والصبيان .
• وحلقُ اللحيةِ شعارُ كثيرٍ من المشركين - ومن تشبه بقوم فهو منهم -، وقد ثبتَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ) متفقٌ عليه عن ابن عمر .
• فالأمرُ بإعفاء اللحيةِ أمرٌ بمخالفةِ اليهودِ والنصارى وإن وُجِد بعضُهم قد أعفى لحيته ؛ فالحكم للأغلب حيث إن غالب اليهود والنصارى يحلقون لحاهم ، والنصُّ ملزمٌ على كلِّ حال ، والاعفاء - مجردًا - أمرٌ فطري؛ بل أمرٌ الهي ، وأمرٌ نبوي .
• والواجبُ على المؤمن التقيِّ أن يمتثل أمرَ الربِّ العلي ، وأمرَ الحبيبِ النبيِّ ؛ لنكون من أتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وممن يردُ حوضَه الأصفى ؛ لنشرب جميعًا من يدهِ الشريفةَِ شربة ًهنيئة ًمريئة ًلا نظمأ بعدها أبدًا ، والله الموفق لما يحبُّ ويرضى ، والحمد لله رب العالمين .
وكتبه /
أبو عبد الله محمد بن العفيفي