والْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ : «الدُّنْيَا كُلُّهَا ظُلْمَةٌ إِلَّا مَجَالِسَ الْعُلَمَاءِ» .
نعم .. «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنَّ تَعْلِيمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةً وَطَلَبَهُ عِبَادَةً، وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَعَالِمُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَمَنَارُ سُبَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الْأُنْسُ فِي الْوَحْشَةِ وَالصَّاحِبُ فِي الْغُرْبَةِ وَالْمُحَدِّثُ فِي الْخَلْوَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالسِّلَاحُ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَالزَّيْنُ عِنْدَ الْأَخِلَّاءِ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ قَادَةً وَأَئِمَّةً يُقْتَصُّ آثَارُهُمْ، وَيُقْتَدَى بِأَفْعَالِهِمْ وَيُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ، تَرْغَبُ الْمَلَائِكَةُ فِي خُلَّتِهِمْ وَبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَحِيتَانُ الْبَحْرِ وَهَوَامُّهُ وَسِبَاعُ الْبَرِّ وَأَنْعَامُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ وَمَصَابِيحُ الْأَبْصَارِ مِنَ الظُّلَمِ يَبْلُغُ الْعَبْدُ بِالْعِلْمِ مَنَازِلَ الْأَخْيَارِ وَالَدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ يَعْدِلُ الصِّيَامَ وَمُدَارَسَتُهُ تَعْدِلُ الْقِيَامَ بِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ وَبِهِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ وَهُوَ إِمَامٌ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ وَيُحْرَمُهُ الْأَشْقِيَاءُ» .
اطْلُبُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنَّهُ شَرَفٌ فِي الدُّنْيَا وَشَرَفٌ فِي الْآخِرَةِ» .
«الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَحْرُسُهُ، وَالْعِلْمَ يَحْرُسُكَ، وَالْمَالَ تُفْنِيهِ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمَ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَآثَارَهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ» .
وَيُقَالُ : مَثَلُ الْعُلَمَاءِ مَثَلُ الْمَاءِ حَيْثُ مَا سَقَطُوا نَفَعُوا .
وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ : «الْمُلُوكُ حُكَّامٌ عَلَى النَّاسِ، وَالْعُلَمَاءُ حُكَّامٌ عَلَى الْمُلُوكِ» .
• أخياه : كن عالمًا أو متعلمًا : فعَنْ مَالِكٍ : سَمِعْتُ رَبِيعَةَ يَقُولُ : «لَيْسَ الَّذِي يَقُولُ الْخَيْرَ وَيَفْعَلُهُ بِخَيْرٍ مِنَ الَّذِي يَسْمَعُهُ وَيَقْبَلُهُ» .
• واجتهد في طلب العلم واحرص عليه ولا يصرفنك عنه صارف : وكما قال يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ : «لَا يُنَالُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْبَدَنِ» . وفي رواية : «لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ»
• وقال سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: «إِنْ كُنْتُ لَأَسِيرُ اللَّيَالِيَ وَالْأَيَّامَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ» .
• وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : " لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَافَرَ مِنْ أَقْصَى الشَّامِ إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ؛ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ حِكْمَةٍ مَا رَأَيْتُ سَفَرَهُ ضَاعَ ".
• لا تيأس و لا تقنط وواصل الطلب . فالعلم بالتعلم ، والله - تعالى - يقول : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
• إن من الناس من إذا حاول الأمر مرة بعد مرة تشاءم بأنه لن ينجح فيه0إذا شرع أحدهم في عملٍ ما ثم حصل له في أوله تعثر تركه 00 !! والذي ينبغي على المسلم أن يحاول ويجاهد في ما يراه مصلحة ، وما دام يعلم أن في هذا الأمر خيراً حتى يفتح الله عليه وألا يدعه تشاؤماً أو تقاعساً أو يأساً 00 فلا يجعل للتشاؤم عليه سلطاناً0وكم من إنسان لم يوفق في العمل أول مرة ، فلما حاول وكابد واجتهد فُتِحَ عليه .
• فهذا الكِسائي - إمام النحو- طلب علْم النحو عدةَ مرات ، لكنه لم يُوفق ؛ فبينما هو في يوم من الأيام ؛ إذ رأى نملة تحمل نواة تمر ، فتصعد بها إلى الجدار ، فتسقط حتى كررت ذلك عدة مرات ؛ لم تيأس ، حتى صعدت بها بعد محاولات إلى الجدار وتجاوزته؛ فقال : سبحان الله !! هذه النملة تُكابد هذه النواة حتى نجحت ؛ فلأكابدنَّ علم النحو حتى أنجح ؛ فكابد وصابر ؛ حتى صار إمام أهل الكوفة في النحو.. فأصبح يقال : هذا وجهٌ للكوفيين .
• وعن ابن مسعود رضي الله عنه : «إِنَّ أَحَدًا لَا يُولَدُ عَالِمًا ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» .
• نعم 00 من جد وجد ؛ ومن لازم وصل ، ومن صبر ظفر ؛ وحُسْن الصبر طليعة الظفر0
لا تيأسن و إن طالت مطالبة إذا استعنت بصبر أن ترى فَرَجَا
فأخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمنِ القرع للأبـواب أن يَلِجَا
• نعم 00 لكل مجتهد نصيب 00 وأجرك قدْر نَصَبِك ؛ فلابد أن تبذل ، ولا تتقاعس ولا تتكاسل ولا تتشاءم0
• لا تقل : لقد حاولت كثيراً أن أسلك طريق العلم فلم أنجح ؛ بل أنا شاعر بالفشل دائماً 00!! لا ؛ بل صابر وجاهد وألح على الله وتضرع إليه؛ فمن داوم الطرق على باب الملك فتح له 00 فالله يريد منك أن تلح عليه ، وأن تناجيه بقلبٍ تائبٍ أواهٍ منيبٍ . وكما أن طالب الدنيا لا يشبع ؛ فكن طالب علم لا يشبع . وفي الأثر : " مَنُهُومَانِ لَا يشبعان : طَالِبُ عِلْمٍ، وَطَالِبُ دُنْيَا " .
• فكن صاحب عزيمة وإصرار : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَابٌّ، قُلْتُ لِشَابٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا فُلَانُ هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْنَتَعَلَّمْ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَثِيرٌ، قَالَ: الْعَجَبُ لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَتَرَى أَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ وَفِي الْأَرْضِ مِنْ تَرَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَتَتَبُّعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كُنْتُ لَآتِي الرَّجُلَ فِي الْحَدِيثِ يَبْلُغُنِي أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجِدُهُ قَائِلًا فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ تُسْفِي الرِّيحُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى يَخْرُجَ، فَإِذَا خَرَجَ قَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكَ؟ فَأَقُولُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ، قَالَ : فَيَقُولُ: فَهَلَّا بَعَثْتَ إِلَيَّ حَتَّى آتِيَكَ، فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ يَرَانِي وَقَدْ ذَهَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَاجَ إِلَيَّ النَّاسُ فَيَقُولُ: كُنْتَ أَعْقَلَ مِنِّي " . «سنن» الدارمي، و «مستدرك» الحاكم، و «طبقات» ابن سعد .
• هيا - أخي الحبيب - عجِّل بطلب العلم قبل أن يأتي يوم لا تجد فيه عالماً ولا من يعلمك ؛ ففي خ و م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ» .
لقد قال البغوي في "شرح السنة" : " قال الله سبحانه وتعالى : {أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} [الرعد: 41] . قَالَ عَطَاءٌ وَجَمَاعَةٌ : نُقْصَانُهَا مَوْتُ الْعُلَمَاءِ، وَذَهَابُ الْفُقَهَاءِ .
وقال أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسل : «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل» . انتهى .
وعَنْ مُجَاهِدٍ , {نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] , قَالَ: «الْمَوْتُ مَوْتُ عُلَمَائِهَا وَفُقَهَائِهَا» عب .
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَقَبْضُهُ أَنْ يُذْهَبَ بِأَصْحَابِهِ، الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْخَيْرِ وَسَائِرُ النَّاسِ لَا خَيْرَ فِيهِمْ، إِنَّ أَغْنَى النَّاسِ رَجُلٌ عَالِمٌ افْتُقِرَ إِلَى عِلْمِهِ فَنَفَعَ مَنِ افْتَقَرَ إِلَيْهِ وَإِنِ اسْتُغْنِيَ عَنْ عِلْمِهِ نَفَعَ نَفْسَهُ بِالْعِلْمِ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ، فَمَالِي أَرَى عُلَمَاءَكُمْ يَمُوتُونَ وَجُهَّالَكُمْ لَا يَتَعَلَّمُونَ، وَلَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ الْأَوَّلُ وَلَا يَتَعَلَّمُ الْآخِرُ، وَلَوْ أَنَّ الْعَالِمَ طَلَبَ الْعِلْمَ لَازْدَادَ عِلْمًا وَمَا نَقَصَ الْعِلْمُ شَيْئًا، وَلَوْ أَنَّ الْجَاهِلَ طَلَبَ الْعِلْمَ لَوَجَدَ الْعِلْمَ قَائِمًا، فَمَالِي أَرَاكُمْ شِبَاعًا مِنَ الطَّعَامِ جِيَاعًا مِنَ الْعِلْمِ ".
• والناس على خير ما داموا على علم ، فإذا انتشر الجهل وقع الناس في الضنك والشقاء ؛ كما في" الصحيحين " عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا".
(أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
• وعلى المرء أن يحزن وأن يؤنب نفسه إذا قصَّر في معرفة الحق ، ولم يسابق الزمن في طلب العلم ، وإذا لم يفهم مراد الله ورسوله ؛ كان عمرو بن مرة يقول : ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني؛ لأني سمعت الله تعالى يقول : {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) . فكن صاحب همة عالية ، وإرادة صادقة ، وعزيمة قوية آخِرُ الْعِلْمِ لَذِيذٌ طعمه وَبَدْءُ الذَّوْقِ مِنْهُ كَالصَّبْرِ
• وَقَالُوا: «مَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ ذُلَّ التَّعْلِيمِ سَاعَةً بَقِيَ فِي ذُلِّ الْجَهْلِ أَبَدًا»
• هيا اطلب العلم إلى الممات ، قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ، إِلَى مَتَى تَطْلُبُ الْعِلْمَ؟ قَالَ: «حَتَّى الْمَمَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، وَقِيلَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ؛ فَقَالَ : «لَعَلَّ الْكَلِمَةَ الَّتِي تَنْفَعُنِي لَمْ أَكْتُبْهَا بَعْدُ» . وَقَالَ قَتَادَةُ : " لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَكْتَفِي مِنَ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ لَاكْتَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَكِنَّهُ قَالَ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] " .
• هيا إلى مجالس العلم ، ودعك من مجالس اللغو والفسوق والمجون والعصيان .
• هيا إلى مجالس العلم ودعك من السياسة التي ضيعت الأعمار ، وفرقت الصف ، ومزقت الشمل . روي عن عيسى عليه السلام : " كَمَا تَرَكَ لَكُمُ الْمُلُوكُ الْحِكْمَةَ فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا". قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ : «يَا بُنَيَّ، إِنَّ الْحِكْمَةَ أَجْلَسَتِ الْمَسَاكِينَ مَجَالِسَ الْمُلُوكِ».
• هيا إلى مجالس العلم ودعك من التعصب للجماعات والأحزاب ، التي كانت سبباً للخسارة والتفرق والتمزق .
• هيا من جديد ؛ لنتعلم قال الله قال الرسول صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة ؛ قال مالك رحمه الله : "ما لم يكن يومئذ ديناً فليس اليوم ديناً". وقال : " لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
• ما أحوجنا إلى الاتباع وترك الابتداع ، ومعرفة ما اختلف فيه الناس من الحق ، ولن يتأتى ذلك إلا بالعلم والبصيرة .
• ونصيحة أخيرة : وهي أن يسعى كلُّ طالب علم لتعليم غيره ولو قليلاً من العلم ، ولو على سبيل المذاكرة ؛ فذلك مما يثبت العلم ويزكيه وينميه ؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «تَحَدَّثُوا فَإِنَّ الْحَدِيثَ يُهَيِّجُ الْحَدِيثَ» . عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ : «أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي صِبْيَانَ الْكُتَّابِ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُ كَيْ لَا يَنْسَاهُ» .
• وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «إِنَّ إِحْيَاءَ الْحَدِيثِ مُذَاكَرَتُهُ» .
• وقال ابْنُ الْمُبَارَكِ : «أَوَّلُ الْعِلْمِ النِّيَّةُ ثُمَّ الِاسْتِمَاعُ ثُمَّ الْفَهْمُ ثُمَّ الْحِفْظُ ثُمَّ الْعَمَلُ ثُمَّ النَّشْرُ».
• أختم بما قاله رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :« لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ » ؛ فنسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ، وأن يعلمنا ما جهلنا ، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل والنية .. اللهم آمين ، والحمد لله رب العالمين .
وكتبة // أبوعبدالله محمد بن العفيفي