بسم الله الرحمن الرحيم
أَحْكَامُ الشِّتاءِ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ النَّوْمَ سُباتاً، وَبَسَطَ الأَرْضَ فِراشاً، وَجَعَلَ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّهارَ مَعاشاً، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي تَقَلُّبِ الفُصُولِ مَوْعِظَةً وَعِبْرَةً، سُبْحانَهُ وَتَعَالَى تَنَزَّهَ عَنِ الأَشْباهِ وَالنَّظائِرِ، وَعَلِمَ مَا فِي الضَّمائِرِ، المَذْكُورِ فِي كِتِابِهِ سُبْحانَهُ بِأَشْرَفِ الأسْماءِ وَالنُّعُوتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، البَشِيرُ النَّذِيرُ وَالسِّراجُ المُنِيرُ، هَدَى اللهُ بِهِ مِنَ الضَّلَالِ، وَجَمَعَ لَهُ شَرِيفَ الخِصَالِ، وَطِيبَ الخِلَالِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مَا طَلَعَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ، وَامْتَثِلُوا أَمْرَهُ حَيْثُ قَالَ: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ([آل عمران:102].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي تَقَلُّبِ الفُصُولِ وَتَعَاقُبِ الشُّهُورِ حِكَماً عَظِيمَةً، وَمَصَالِحَ جَلِيلَةً، تَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى المَخْلُوقَاتِ جَمِيعاً: الإِنْسَانِ وَالحَيَوَانِ وَالشَّجَرِ، وَفِي تَقَلُّبِ الفُصُولِ دِلَالَةٌ عَلَى عَظَمَةِ الخَالِقِ وَبَدِيعِ صُنْعِهِ فِي الكَوْنِ.
وَتَعَاقُبُ الفُصُولِ يَجِبُ أَنْ يُحْدِثَ فِي أَنْفُسِنَا العِبْرَةَ، وَفِي قُلُوبِنَا المَوْعِظَةَ، وَفِي أَعْمَالِنَا الإِقْبَالَ عَلَى اللهِ تَعَالَى.
وَمِنْ هَذِهِ الفُصُولِ الَّتِي نَسْتَقْبِلُهَا فَصْلُ الشِّتاءِ، وَمِنْ صُوَرِ اسْتِقْبَالِهِ: مَعْرِفَةُ مَا يَتَعَلَّقُ فِيهِ مِنْ مَسَائِلَ وَأَحْكَامٍ وَفَوَائِدَ وَشَوَارِدَ عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَحْضِرَهَا وَنَتَعَلَّمَهَا لِنَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِمَّا نَحْنُ مُقْبِلُونَ عَلَيْهِ.
كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا حَضَرَ الشِّتاءُ تَعَاهَدَ رَعِيَّتَهُ بِقَوْلِهِ: «إِنَّ الشِّتَاءَ قَدْ حَضَرَ وَهُوَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَتَهَيَّؤُوا لَهُ وخُذُوا لَهُ أُهْبَتَهُ مِنَ الصُّوفِ وَالخِفَافِ وَالجَوَارِبِ، وَاتَّخِذُوا الصُّوفَ شِعَاراً وَالْقُطْنَ دِثَاراً؛ فَإِنَّ البَرْدَ عَدُوٌّ سَرِيعٌ دُخُولُهُ بَعِيدٌ خُرُوجُهُ».
وَقَدْ كَانَ الشِّتَاءُ عِنْدَ السَّلَفِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ رَبِيعاً لِقُلُوبِهِمْ، وَغِذَاءً لِأَرْوَاحِهِمْ، لِمَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الزَّمَنِ وَمَكَانَتِهِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «مَرْحَباً بِالشِّتاءِ تَنْزِلُ فِيهِ البَرَكَةُ، وَيطُولُ فِيهِ اللَّيْلُ لِلْقِيَامِ، وَيقْصُرُ فِيهِ النَّهارُ لِلصِّيَامِ».
وَكَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ -رَحِمَهُ اللهُ- إِذَا جَاءَ الشِّتاءُ يَقُولُ: «يَا أَهْلَ القُرْآنِ طَالَ لَيْلُكُمْ لِقِراءَتِكُمْ فَاقْرَؤُوا، وَقَصُرَ النَّهارُ لِصِيَامِكُمْ فَصُومُوا».
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
لَقَدْ جَمَعَ فَصْلُ الشِّتَاءِ جُمْلَةً مِنَ الأَحْكَامِ الَّتِي يَتَأَكَّدُ مَعْرِفَتُهَا ، فَمِنَ الأَحْكَامِ: أَنَّهُ عِنْدَ تَأَخُّرِ المَطَرِ وَجَدْبِ الأَرْضِ يُسَنُّ طَلَبُ السُّقْيَا مِنَ اللهِ تَعَالَى إِمَّا بِالدُّعَاءِ المُجَرَّدِ وَإِمَّا بِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَيُسَنُّ دُعَاءُ اللهِ تَعَالَى بِإِنْزِالِ المَطَرِ وَالإِلْحَاحِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَالتَّخَلُّصُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي الَّتِي هِيَ سَبَبُ الحِرْمَانِ وَدَلِيلُ الخُسْرَانِ، وَإِذَا مَا مُطِرَ النَّاسُ وَجَبَ أَنْ يَحْمَدُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَأَنْ يَنْسِبُوا الفَضْلَ لِلَّهِ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ -أَيْ مَطَرٍ- مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ».
وَمِمَّا يُسَنُّ عِنْدَ نُزُولِ المَطَرِ: قَوْلُ: «صَيِّباً نَافِعاً»؛ كَمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ البُخِاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَيُسَنُّ الدُّعاءُ عِنْدَ المَطَرِ، وَإِذَا مَا زَادَ المَطَرُ حَتَّى حَصَلَ بِهِ الضَّرَرُ سُنَّ أَنْ يُقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه]، وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ الرَّعْدِ: «سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ».
وَمِنَ الأَحْكامِ المُهِمَّةِ: عَدَمُ التَّساهُلِ فِي إِسْباغِ الوُضُوءِ، وَتَأَكُّدُ وُجُوبِ إِيصَالِ المَاءِ إِلَى أَعْضَاءِ الوُضُوءِ، لَا كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ التَّسَاهُلِ فِي ذَلِكَ عَبْرَ عَدَمِ إِيصَالِ المَاءِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ بِسَبِبِ لُبْسِ المَلابِسِ الثَّقِيلَةِ وَعَدَمِ حَسْرِ الثَّوْبِ، وَمِنَ الأَخْطَاءِ أَيْضاً: عَدَمُ إِيصَالِ المَاءِ إِلَى الأَعْقَابِ، وَالِاسْتِعْجالِ فِي الوُضُوءِ دُونَ التَّأَكُّدِ مِنْ وُصُولِ المَاءِ إِلَى أَعْضَاءِ الوُضُوءِ.
وَمِنَ الأَحْكَامِ المُهِمَّةِ وَالَّتِي يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ وَمِثْلِهِمَا الجَوْرَبَيْنِ، فَالمَسْحُ رُخْصَةٌ ثَابِتَةٌ، وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ دَلَّتِ الأَدِلَّةُ المُتَوَاتِرَةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ، وَهِيَ دَلِيلٌ بيِّنٌ وَشَاهِدٌ ظَاهِرٌ عَلَى يُسْرِ الشَّرِيعَةِ وَنَفْيِهَا لِلْحَرَجِ عَنِ الأُمَّةِ، وَلِلْمَسْحِ شُرُوطٌ حَتَّى يَصِحَّ، فَمِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ: إِدْخَالُ الخُفَّيْنِ عَلَى طَهَارَةٍ، وَأَنْ يَكُونَا طَاهِرَيْنِ مِنَ النَّجَاسَةِ، وَأَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا فِي الحَدَثِ الأَصْغَرِ دُونَ الأَكْبَرِ، وَأَنْ يَكُونَ المَسْحُ فِي المُدَّةِ المُحَدَّدَةِ شَرْعاً: وَهِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الخُفُّ وَالجَوْرَبُ مَكانَ الفَرْضِ وَهُمَا القَدَمَانِ كَامِلَتَانِ مَعَ الكَعْبَيْنِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَمْسَحَ الإِنْسَانُ عَلَى ظَاهِرِ الخُفِّ وَأَعْلَاهُ كَمَا صَحَّ بِذَلِكَ الخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَمِنَ الأَحْكَامِ أَيْضاً: أَنَّهُ إِذَا خَشِيَ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ اشْتِدَادِ البَرْدِ وَعَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى تَدْفِئَةِ المَاءِ فَإِنَّهُ يُشْرَعُ لَهُ التَّيَمُّمُ دَفْعاً لِلْمَشَقَّةِ وَمَنْعاً لِلْحَرَجِ، وَأَمَّا التَّسَاهُلُ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ وُجُودِ المَاءِ وَإِمْكَانِ اسْتِعْمَالِهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَلَّى فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ.
وَمِنَ الأَحْكَامِ: جَوَازُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ: الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ عِنْدَ نُزُولِ المَطَرِ الَّذِي يَصْحَبُهُ مَشَقَّةٌ، وَمِثْلُهُ الجَمْعُ عِنْدَ الرِّيحِ البَارِدَةِ الشَّدِيدَةِ.
وَمِنَ الأَحْكَامِ أَيْضاً: كَرَاهَةُ التَلَثُّمِ فِي البَرْدِ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَيُعْفَى عَمَّنْ لَهُ عُذْرٌ كَزُكَامٍ وَنَحْوِهِ، وَمِمَّا يُكْرَهُ كَذَلِكَ الصَّلَاةُ قِبَلَ النَّارِ؛ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللهُ: يُكْرَهُ الصَّلَاةُ إِلَى التَّنُّورِ أَوْ بَيْتِ النَّارِ.
وَقَدْ وَصَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّوْمَ فِي الشِّتاءِ بِالْغَنِيمَةِ البَارِدَةِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «الصَّوْمُ فِي الشِّتاءِ الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه].
وَإِنَّمَا كَانَ غَنِيمَةً بَارِدَةً لِأَنَّهُ يَقْصُرُ فِيهِ النَّهَارُ وَيَذْهَبُ مَعَهُ العَطَشُ فَيَسْهُلُ مَعَهُ الصَّوْمُ، وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ غَنِيمَةً بَارِدَةً لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا تَعَبٍ، فَحَرِيٌّ بِمَنْ سَمِعَ بِهَذِهِ الغَنِيمَةِ أَنْ يَسْعَى إِلَى تَحْصِيلِهَا وَأَنَّ يَجِدَّ فِي نَيْلِهَا.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، رَبِّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامُ المُرْسَلِينَ، وَسَيِّدُ النَّاسِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
إِنَّ مِمَّا يُذَكَّرُ بِهِ كَذَلِكَ: أَهَمِّيَّةُ إِطْفَاءِ النَّارِ فِي البُيُوتِ عِنْدَ النَّوْمِ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي البُخارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ».
وَهَذِهِ الوَصِيَّةُ النَّبَوِيَّةُ لَمَّا فَرَّطَ فِيهَا بَعْضُ النَّاسِ وَتَسَاهَلُوا فِي إِطْفَاءِ الفَحْمِ وَالمَدَافِئِ وَجَعْلِهَا فِي البُيُوتِ وَتَرْكِهَا عِنْدَ النَّوْمِ كَانَتِ النَّتِيجَةُ حُصُولَ حَالَاتِ الِاحْتِرَاقِ والِاخْتِنَاقِ، وَالَّتِي نَرَاهَا تَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَيَا لَلَّهِ كَمْ جَمَعَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ مِنَ الخَيْرِ وَكَمْ حَذَّرَتْ مِنَ الشَّرِّ!!
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُذَكَّرُ بِهِ عِنْدَ فَصْلِ الشِّتاءِ وَتَأَخُّرِ المَطَرِ: أَهَمِّيَّةُ التَّخَلُّصِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالتَّخَلِّي عَنِ الآثَامِ؛ فَقَدْ جَاءَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ :«............ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا القَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلوْلَا البَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا».
وَقَالَ مُجَاهِدٌ – رَحِمَهُ اللهُ - فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ) وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ([البقرة:159]. دَوَابُّ الأَرْضِ تَقُولُ: إِنَّمَا مُنِعْنَا المَطَرَ بِذُنُوبِكُمْ.
اللَّهُمَّ أَتْمِمْ لِهَذَا البَلَدِ الأَمْنَ وَالأَمَانَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَخُذْلَانٍ وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا، وَمَا أَسْرَرْنَا وَمَا أَعْلَنَّا وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَانْفَعْ بِهِمُ البِلَادَ وَالعِبادَ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْهُمْ نَصْراً وَعِزّاً لِلْمَظْلُومِينَ وَالمَكْرُوبِينَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ بِهِمُ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ بِهِمُ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ بِهِمْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنّاً سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ، وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى المُسْلِمِينَ، وَارْحَمْ مَوْتَانَا وَمَوْتَى المُسْلِمِينَ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.