الحمد لله، الحمد لله الذي بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، لا يُسأل عما يفعل، وهم يسألون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جلا عن الشبيه وعن المثيل، وعن الند، وعن النظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله وصفيه وخليله، ما مات حتى بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح لهذه الأمة وجاهد في الله حق جهاده، حتى تركها على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزغ عنها إلا هالك صلى الله وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد.
عباد الله اتقوا الله تعالى حق التقوى، ابذلوا الخير وأعطوه، وكفوا عن الشر واجتنبوه، وافهموا كلام ربكم وعقلوه فإن جمعتم هذه الثلاثة فلحتم وهي مُيسرة لمن يسر الله عليه وإياكم أن تبحثوا عن الحق بغير كلام ربكم.
إياكم أن تطلبوا أثراً بعد عين، أو تستبدلوا الحق بالباطل والصدق بالميل، إياكم أن تكونوا كالذين أعطوا المن والسلوى فقالوا: { لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}[البقرة:61]، تركوا المن والسلوى وهذا والله كمن ترك الكتاب والسنة وذهب بصر الآراء وثومها وأفكارها يا لها من صفقة خاسرة.
عباد الله أحسن الكلام كلام الله وأحسن الهدي هدي رسول الله  وشر الأمور محُدثاتها كل مُحدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
أيها المسلمون هذه أعظم سورة في أخطر مسألة، يقول ربنا تبارك وتعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}[الليل:1]، {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}[الليل:2]، {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[الليل:3]، ما أعظم المناسبة لهذا الحلف في المحلوف عليه، أولاً: الشبهات في هذه المسألة التي تتكلم عنها السورة وهي الهداية والإضلال، تأتي على القلب كالليل إذا يغشى وليس كالليل إذا سجى بل كالليل إذا يغشى الشيطان يستثمرها وينميها ومن حلة شريعة قبلنا قط إلى بقدرية وزنديقية.
وقال السلف هو الباب الأعظم للذنب التشكيك في عدل الله في حكمة الله احتمالية ظلم الله جلا ربنا وتقدس، وما ربك بظلام للعبيد فقال الله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}[الليل:1]، {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}[الليل:2].
فالوحي إذا طرد ظلام الشبهات كالنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى بعض الرجال ذكور يعملون بما كلفوا به ويعملوا ما لم يُكلفوا به لا يتفلسفون ولا يضيعون أوقاتهم كأصحاب محمد ، قالوا بعد هذه السورة ما أحدٍ أشهد اجتهاداً منا في العمل لأنه وضح له سبيل الزيادة، وبعض الناس لا يزالوا يتفلسف ويلت ويعجن ويلف ويدور، وما خلق الذكر والأنثى.
وأيضاً الحق مثل النهار إذا تجلى، والباطل مثل الليل، لا يزيغ إلا هالك، لا يضل على الله إلا هالك، كلكم يدخل الجنة إلا من شرد على ربه، كشرود البعير السيئ على أهله.
وأيضاً الليل له آية والنهار له آية وكلها تسعى الشمس تجري والقمر يجري لابد من سعيك ولذلك قال: إن سعيكم لشتى، هذه تسعى وهذه تسعى.
وأيضاً السؤال الذي يصل إليه المسترسل في هذه المسألة لماذا نوع الله الناس؟ فجعل منهم السعيد والشقي والكافر والمؤمن، والسني والمبتدع، والعاصي والمهتدي، فيُقال: ولماذا خلق الله الليل والنهار والذكر والأنثى، والأرض السبخة والأرض الطيبة والرائحة الطيبة والرائحة الخبيثة لما؟.
واسترسل إلى ما لا نهاية هذه من مستلزمات الربوبية الأقدار العلو والسُفل الطيب والخبث وهذه من تمام الحكمة سؤال سخيف يسأل به العبد ربه.
عباد لله وحكمٌ كثيرة، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}[الليل:1]، {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}[الليل:2]، {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[الليل:3]، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل:4].
هذا إلي يحلف عليه ربي هذا الذي يحلف عليه ربي إن سعيكم لشتى سعيكم أنتم أنتم، تفعلون هذا بإرادتكم وجوارحكم إن سعيكم لشتى، لكن هذا السعي له أسباب فلذلك عقب الله بحرف الفاء للتعقيب والتعليل وبيان الحكمة، والنهار إذا تجلى.
قال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}[الليل:5]، {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}[الليل:6]، القوة ثلاثة قوة البدن والإعطاء وقوة الكث والامتناع وقوة الإدراك والفهم، والدين فعل مأمور وترك محذور وتصديق بالخبر، والدين خبر وطلب، والطلب طلب أمر وطلب ترك.
فعبد من عباد الله جمع الله له هذه القوة الثلاثة هو يُعطي، يُعطي الإيمان من نفسه لا يرده آباء ولا مشايخ ولا تقليد ولا فئات يُعطي التوحيد يُعطي الإخلاص يبذل نفسه باذلة طيبة فأما من أعطى.
والثانية: اتقى يخاف يكف يمتنع يهاب يستحي نفسه طيبة.
والثالثة: إدراكه وفهمه لا يغلبه الرجال ولا الآباء ولا غيرهم وصدق بالحسنى والحسنى لا إله إلا الله، كما قال ابن عباس: التوحيد وآثار التوحيد سبحان الله هذه النفس الطيبة جزائها أن تُيسر للحسنة، تُهيئ وتزاد.
ولذلك إخوتي في الله ابدأ وسترى الخير تنتظر ماذا؟ تنتظر أن تُجبر على العمل إجباراً أنت مُبتلى.
{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}[الإنسان:1]، {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ}[الإنسان:2]، أنت ما أُنجبت عبثًا هنا أنت في ميدان اختبار مُبتلى مُنتظر ماذا؟ اعمل فإن عملت تفتحت لك أبواب التوفيق والتيسير، أما تقرئوا أخبار الفتية، أهل الكهف إنهم فتية آمنوا بربهم بدئوا بالخير أعطوا واتقوا وصدقوا، وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم ويسروا للهجرة وللجهاد والموت على الإسلام.
ربكم شكور لكن أبدأ أعطي من نفسك زكها، فإن النفس هلوعة ومنوعة حتى تبذل جهداً في تزكيتها.
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}[الليل:5]، {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}[الليل:6]، {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[الليل:7]، هذا السر كله هذا إلي يهمك ولا يهمك أن الله يعلم النتائج النهائية سلفاً هذا يهمك في الإيمان به لأنه جاء بالوحي أن الله جلا جلاله بكمال علمه وحكمته يعلم النتائج النهائية.
سلفا، يعلم الفائز من الخاسر، وهذا العلم التام لكنك لم توكل إليه كما قال مقرر، لم نوكل للقدر السابق، وأخبرنا أن إليه نسير وأمرنا أن نؤمن به من يعلم النتائج النهائية، رب قتيل بين الصفين، الله أعلم بنيته، أول من تُسعر بهم النار العالم، وقارئ القرآن والمجاهد والباذل، ما تعلم.
رب رجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا زراع فيسبق عليه
الكتاب، فأنت يريد الشيطان أن يشغلك فيما هو من شأن الله عن من هو من شأنك أنت.
قال محمد بن واسع: لن يسألكم الله عن قضاءه وقدره سيسألكم عن أعمالكم،
اعمل اجتهد حتى تُيسر للحسنى.
والفريق الثاني: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ}[الليل:8]، نفسه لئيمة مانعة تربته خبيثة لا يعطى التوحيد ولا يعطي إخلاص ولا يشكر النعم، ولا يعطي من ماله، ولا يعطي من نفسه بخل واستغنى.
انظروا كيف قابل التقوى هناك بالاستغناء هنا لأن سبب التقوى شدة الافتقار إلى
الله وشدة الحاجة هي التي تبعث عن الخوف.
فهنا بين بعبارة رائعة لا يُطيقها البشر أن سبب تركه للتقوى أنه استغنى وهذا يدل
على قبح سريرته مستغني عن ربه الذي خلقه.
{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى}[الليل:8]، {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى}[الليل:9]
لا قوة إدراك بحيث يُميز الحق من الباطل وهو واضح أمامه ولا قوة العمل ولا قوة
امتناع، نعوذ بالله من الخناس، فهذه حكمة الله البالغة أن جزائه أن ييسر للعسرة قال: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل:10]، نعوذ بالله من حاله.
{وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}[الليل:11]، ثم قال الله عن الطائفتين: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}[الليل:12]، الهدى مبذول للجميع كالليل والنهار{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}[الليل:12]، ركب الله العقول والسمع والبصر والفطر والرسل، والكتب جلا ربنا وتعالى {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}[الليل:12].
وأيضاً من سلك طريق الهدى فو ذاهب إلى ربه وسيهديه إن ذاهب إلى ربي سيهدين من معانيها أن طريق الهدى علينا يمر إلينا كما قال: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ }[النحل:9]، وقال: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ}[الحجر:41].
{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}[الليل:12]، {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى}[الليل:13].
المرحلة الأخيرة والمرحلة الأولى والدنيا والآخرة كله لله، ولذلك قال الصحابة القدر: قدرة الله على العباد، يهدي من يشاء بفضله التام ليس لابن آدم منا ولكن يحذر أن يبخل ويستغني ويُكذب فيُخذل ويضل من يشاء بعدله التام وما ربك بظلامٍ للعبيد ولا يُكلف نفساً إلا وسعها، والأمر كله إليه.
هو القاهر فوق عباده خلق من خلق للشقاوة لكنه ما أجبرهم عليها ولكن حكمته البالغة أنها هي الأولى بهم نفوسٌ بخيله مستغنية لئيمة مكذبة فُتح لها المجال ما كلفها الله إلا وسعها.
قال بعض السلف: إذا شبه لك الإنسان في القدر فتذكر آيتان: { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}،
{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، الكافر والمشرك ما كلف إلا ما بوسعه لكن هذه نفسه وهذا علم الله السابق به خلقه يوم خلقه للشقاوة لكن ما أجبره عليه، {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}[الليل:12]، {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى}[الليل:13].
قال الله: فأنذرتكم يا من سمعتم هذا الخطاب أيتها النفوس التي تبذل من نفسها الإسلام والتوحيد والإيمان والتصديق وتتقي {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى}[الليل:14]، لو كان العبد مجبوراً على الذهاب إليها ما ينفع الإنذار لكنه ورب الكعبة ليس بمجبور لكنه ميسر لليسرى أو للعسرة.
{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى}[الليل:14]، {لا يَصْلاهَا إِلَّا الأَشْقَى}[الليل:15]، لن يهلك على الله إلا هالك وما ربك بظلامٍ للعبيد لن يصلى النار إلا الأشقى بصفة المبالغة الذي كذب وتولى لا قوة علم ولا قوة عمل.
{الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى}[الليل:16]، {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى}[الليل:17]، دائماً في جهاد هو من نفسه في تعب والناس منه في راحة.
{وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى}[الليل:17]، {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}[الليل:18]، دائماً يُطهر هذه النفس لأنها إذا رجعت إلى أصلها خذل خلي بينه وبينها وبينه وبين شيطانه وتكالبت عليه الأعباء فخذل ما أجبر خذل.
قال مترب تدبرت هذا الأمر كثيراً فوجدت خلاصته أن العبد ملقى بين الله وبين الشيطان فإن كان الله علم منه خيراً أيده ووفقه ويسر له اليسرى وإن علم منه شراً خلى بينه وبين الشيطان خذله فإن قال العبد: لما خذلتني؟ فهذا سؤال سخيف لأنه ما يملك على الله شيء إن قال هذا السؤال أتملك على الله شيء أتستحق على الله شيء فضله يؤتيه من يشاء وإنما خذله لحكمته جلا وعلا لأنه لو يُسر لليسرى ما ينتفع.
قال الله: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:23]، وقال الله: { وَلَوْ رُدُّوا}، بعدما رءوا النار رأي عين لعادوا لما نهو عنه.
سبحان الله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى}[الليل:17]، {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}[الليل:18]، {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى}[الليل:19]، {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى}[الليل:20].
أعطى الإخلاص وأعطى المال وأعطى التوفيق ولقي التوفيق {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى}[الليل:20]، ومن حكمة الله البالغة أن الجزاء مطابق للأسباب، {وَلَسَوْفَ يَرْضَى}[الليل:21].
وفي السورة التي قبلها حلف الله أحد عشر قسماً والقسم الحادي عشر ونفس وهي الروح في بعض الأقوال، {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا}[الشمس:7]، {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}[الشمس:8]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}[الشمس:9]، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}[ الشمس:10].
ابن آدم خُلق صفحة بيضاء كالنهار فإذا أراد الليل والباطل سُلخ منه النهار، وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون.
وهذه من الحكم أيضاً بالقسم بالليل والنهار، قال بعض السلف: ارتد عن فطرته وإلا فهو خُلق يوم خُلق حنيفاً مُسلماً فأتته الشياطين الإنس والجن فأمرته أن يُشرك بالله فأطاعهم وعصى ربه، هذه قصة الشرك من أولها لآخرها.
وقال: كل مولود يولد على الفطرة { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}[الروم:30].

إخوتي في الله لما قال الصحابة ما أحدٌ أشد اجتهاداً منا في العمل بعد هذه السورة لأن هذه السورة تُفهمك أن التوفيق للعمل الصالح يُسبقه عملٌ فمن عمل وفق، ومن وفق عمل، وهكذا لا يزال في خير وأنه إن عمل المعصية فليعلم أنها خذلان من الله له بسب ذم وهي تنبيه.
كما نُبه آدم عليه السلام: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة:37].
إذا عصيت ربك فمباشرة لا تفعل كالقدرية تُظلم ربك لا تكن كالمشركين قالوا: لو شاء الله ما أشركنا سبحان الله لا تفعل هذا فتجمع حشفاً وسوء وكيلا، بل كل أثناء المعصية نزعت مني العصمة خلي بيني وبين الشيطان، بيني وبين نفسي الأمارة بالسوء {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:30].
إن كنت هكذا تستفيد من المعصية بعد التوبة ربما كانت هذه المعصية ربما صحت
الأجساد بالعيل فتكون المعصية تنبيه لك، لأن المعصية بريد الكفر إن استمررت جاءك الخذلان الأكبر، وخلي بينك وبين الشيطان للأبد، والمعاصي بريد الكفر.
وإذا أنت عملت الطاعة قلت لنفسك يسرها الله لي لما تُملك وإعانة رب، وتيسير
وإن تركت رجعت إلى الحالة الأولى وهكذا تزاد بالعمل.
عباد الله قيام الليل من منا ممنوع منه؟ لا أحد، من أجبر على ألا يقوم الليل؟ لا أحد من هم قوام الليل؟ قوام الليل أُناس بدءوا فاعتزلوا كثيراً من المجالس التي تسود القلوب وتخففوا من الفضول الأكل والنوم والفراش الهني والأكل الكثير، وناموا مبكراً في قلوبهم هم وإرادة لقيام الليل.
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، نفوسٌ بالغة تقية مصدقة بالحسنى وبالجزاء وأيضاً إذا حانت ساعة القيام يأتي الشيطان إليهم ويعقد ثلاثة عقد لا تظنوا أنهم أقوموا بالقوة من مراتبهم ووضعوا في محاريبهم لا والله كان منهم عمل وجهاد، وصبر، ولكن يسروا لليسرى، لما عقد الشيطان عليهم ثلاث عقد، وفتح أحدهم عليه جاهد، واستجمع قواه حتى قام.
هذه إرادة وعمل فانحلت عقدة ثم حمل قدميه فتوضأ فانحلت عقدة ثم صلى وذكر الله فيسر يُسر لليسرى، والآخر ما عمل شيئاً من هذا ماذا ينتظر؟ ينتظر ملك يأتيه يُقيمه بالقوة ويضعه في محرابه ليست هذه حكمة الله.
حكمة الله من الله الهداية والإرشاد ومنه التوفيق لمن أعطى واتقى وصدق بالحسنى.
فيا عباد الله هذا الذي يهمُنا من القدر، وهذا الذي يسألنا الله عنه أن نجتهد في العمل حتى نيسر للعمل قال الله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}[محمد:17].
بدئوا وقال الله: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }[الصف:5]، بدئوا، وقال الله: { وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ}، من يريد الهداية يهديه الله، قال الله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ }[العنكبوت:69]، الهداية مكافئة على الجهاد سبلنا وهي أيضاً هداية سابقة وهداية لاحقة، الجهاد كان بهداية فلما جاهد هدي، كما نقول في التوبة، التوبة كيف تتم عملية التوبة؟ تاب الله عليهم أذن له بالهداية ثم تاب العبد من نفسه وأقلع ثم تيب عليه، قال: { إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[التوبة:118].
كذلك هنا هدي فجاهد فهدي وإن الله لمع المحسنين، فيا عباد الله كونوا بهذه القوة الثلاث فهمٌ عن ربكم وإعطاء وتقوى، تيسروا لكل تيسير في الدنيا والآخرة، وهكذا فهمها أصحاب محمد.
اللهم إله الحق، اللهم أنت القاهر فوق عبادك من هديته منا فبفضلك ومن أضللته فبعدلك، اللهم أنت بريء من الظلم كله أوله وآخره دقيقه وجليله، حرمت الظلم على نفسك.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تمنحنا هداية الأولى، وأن تمنحنا إعانة وأن تمنحنا الهداية الثانية فإن لك الآخرة والأولى، الهداية الآخرة و الهداية الأولى كلها لك.
اللهم إنا مؤمنون بحكمتك وبعلمك وبعدلك وأنه كما قلت {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}[المزمل:19].
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }[الإنسان:30]، حتى يفتح لك الباب، وفتح الباب أيضاً مُبين سببه {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان:30].
من يُفتح له الباب ومن لا يُفتح يُدخل من يشاء في رحمته والظالمين والله ما ضل إلى ظالم إلا فيما سمح به في الخطأ أو لم يُسمح وإنما غفر فيه عن الخطأ في المسائل الاجتهادية.
{ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}[الشورى:8]، اللهم اجعلنا ممن أدخلتهم برحمتك وهديتهم وأعنتهم وثبتهم اللهم اطرد عنا وساوس الشياطين وشبهتها يا رب العالمين، وارزقنا برد اليقين، والصبر يا حي يا قيوم فإنه لا إمامة في الدين إلا بصبرٍ ويقين، اللهم ارزقنا الصبر واليقين يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن يعمل ويخلص ويتقي ويبذل ويتقي ويُيسر لليسرى ولا تجعلنا من القوم الظالمين، يا رب العالمين.
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:27]، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم استغفروه.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا ًعبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا.
عباد الله إخواني في الله نحن في فرصة أوشكت أن تنتهي ولا ندري متى تنتهي؟.
نحن في معترك العمل، وفي ميدان السباق، وعما قليل تنتهي هذه الفرصة، لو أراد أحدنا تسبيحه، أو، آية أو، ركعة، حيل بينه وبين ما يشتهيه، فيا عباد الله أروا الله من أنفسكم خيرا فإن ربكم شكور تجلى لكم في كتابه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى هو ودودٌ بكم وودٌ لكم، ورءوفٌ بكم وبر رحيمٌ لطيف أروا الله من أنفسكم خيرا إن ربكم شكور.
يقبل من أحدكم التمرة من كسبٍ طيب وبقلبٍ طيب فيظل يُربيها بيده كما يُربي أحدكم فوه فإذا جاء يوم القيامة وإذا تمرته كالجبل العظيم.
ربكم شكور فلا تخذلوا بذنوبكم وبأهوائكم وبنفوسكم وبالشياطين استعينوا بالله عليها فإن كيد الشيطان كان ضعيفا.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء اللهم أغثنا بالإيمان، وأغثنا بالقرآن، وأغث بلادنا بالثيب النافع يا رحمن، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
اللهم أرنا آثار رحمتك، الله أرنا آثار رحمتك، اللهم لا غنى بنا عن بركتك ولا عن رحمتك، اللهم أغثنا غيثاً مغيثا هنيئاً مريئا ترفع به الغلاء والبلاء والوباء يا رب العالمين يا حي يا قيوم، اللهم إنا نسألك من خيراتك ومن فضلك.
اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا ولا بما فعل السفهاء منا، اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد.